سجل كاتب عراقي أن الصقور التي أُعجب بها الإنسان منذ عصور سحيقة و يشكل
صيدها رياضة من تقاليد صحراء الجزيرة العربية، عُرفت في مصر القديمة
والصين في وقت متقارب قبل نحو 4000 عام.
وقال محمد رجب السامرائي إن الحضارات القديمة وثَّقت إعجاب الإنسان
بالصقور، وإدراكه قوة هذه الطيور وشجاعتها، فصنع لها تماثيل ونقوشا، وإن
أهل الصين عرفوا الصقور قبل ما يقرب من ألفي عام قبل الميلاد، وعرف
المصريون القدماء الصقر بنفس التاريخ الذي عرفه أهل الصين تقريباً.
وتسجل جدران معبد إدفو الحرب التي خاضها الإله حورس مع عمه الشرير
ست لإعادة الحق والعدل إلى البلاد. وحورس هو ابن إيزيس وأوزيريس في
الأسطورة القديمة، ويتخذ هيئة الصقر.
وأوضح السامرائي في كتابه "صيد الصقور في الحضارة العربية" أن
الصقور كانت لها "منزلة مقدسة تضاهي منزلة الإله"، ففي جزيرة بورنيو في
الشرق الأقصى كان يُعتقد أن الصقر هو رسول من الله، ويطلب الناس منه
المعونة قبل الدخول في الحروب، وكانوا يصنعون له تماثيل لطرد الأرواح
الشريرة، أما في أمريكا الجنوبية فكانوا يصنعون سهامهم من عظام الصقر،
اعتقادا منهم بسرعة وصولها صوب الهدف.
وأضاف أن أقدم مرجع تناول الصيد بالصقور هو كتاب ياباني سجل رحلة
صيد في إقليم هومان بالصين اشترك فيها ملك الإقليم الذي تولى الحكم عام 689
قبل الميلاد، ويرجح أن رياضة الصيد بالصقور في الشرق الأقصى من الرياضات
القديمة.
أما في العراق، فاكتُشف في جدار شمالي مدينة الموصل نحت بارز لصياد
يحمل على يده صقرا في رحلة صيد، ويرجع الأثر لعهد الملك الآشوري سرجون
الثاني، الذي تولى الحكم بين عامي 722 و705 قبل الميلاد.
وقال السامرائي إن أهل الصين برعوا في هذا الأمر لدرجة أنهم
استطاعوا توجيه الأوامر للصقور أثناء تحليقها في الجو، وإن هذه الرياضة
انتقلت من الصين إلى الهند، ثم للشرق الأوسط وبعد ذلك أوروبا.
وأكد أن العرب القدامى أهل الجزيرة والخليج من القبائل الرحل، لم
يتركوا أثرا لنقش أو رسم أو كتابة عن الصقور، لكنهم عرفوا صيد الصقور
والصيد بها قبل الإسلام، ومن الذين اشتهروا بذلك حمزة بن عبد المطلب عم
النبي (ص)، الذي كان "صاحب قنص".
وأضاف الكاتب أن الإسلام أرسى "آداب الصيد"، ومنها عدم تعذيب الطريدة.
وفي دمشق، مارس الخلفاء الأمويون الصيد من باب الترف، أما في بغداد،
فأحب الخلفاء العباسيون الصيد الذي كان من أبرز الرياضات، حتى إن "أبا
العباس السفاح قضى جُلَّ وقته في الصيد منذ كان صغيرا ويافعا إلى كهولته
وهو خليفة، لأنه كان شديد الولع بالضواري مع أخيه الخليفة أبو جعفر
المنصور"، الذي أسس مدينة بغداد.
ووصل المؤلف إلى اللحظة الحاضرة، التي يمثل فيها صيد الصقور هواية
محببة في تونس والعراق والجزيرة العربية، حيث أكد أن صيد الصقور يحظى
بمكانة كبيرة في الإمارات، التي أصبحت "أول دولة في العالم تسجل الصقارة
كتراث عالمي" في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"،
كما بلغت بالإمارات العناية بالصقور إلى حد إصدار جواز سفر لكل صقر، وإنشاء
مستشفيات خاصة لعلاج الصقور، وتنظيم معارض ومسابقات دولية للصقور وهواتها.