عبدالهادي راجي المجالي

أمس وقفت امام صف في السيفوي، يحتوي على علب مليئة بأشياء غريبة و ثمة لوحة مكتوب عليها ان هذه الاشياء هي لزوم الطبخ الصيني، عرفت شيئاَ واحداً هو زيت السمسم..و لكني لم أعرف استعمالاته.

لفت أنتباهي زجاجة بيضاء بداخلها محتويات خضراء، و مرسوم على الزجاجة دجاجة مشوية.. وهذا الامر يؤكد أن هذا المزيج يوضع مع الدجاج فاشتريته...بصراحة أنا أحب الاكل الصيني و كنت أريد ان أعمق ثقافتي بهذا الامر.
حين عدت للمنزل كان الغذاء (صينية جاج)  مشوية في الفرن و يوجد معها خبز و لبن...و صحن بندورة، و بعض المحرشات..المهم قررت تجريب المزيج الصيني و أحترت في البداية هل من الممكن مزجه من مرقة الدجاج أم تغميسه ؟...فقررت و حرصا على أعطاء هذا المزيج الصيني رونقا خاصا سكبه في صحن صغير والقيام بتغميسه.
أكلت اول لقمة من الدجاج المشوي ثم غرفت بالخبز قليلا من المزيج الصيني وأكلته....كانت أول مرة في حياتي والتي ازغرد فيها (أوتوماتيك ) ودون محرض أو أية أجواء تدعوك (للزغردة)...شعرت بأبخرة تخرج من أنفي ونار تشتعل في البلعوم..أصلا لم يعد هناك بلعوم وبصراحة بلعومي اندثر تماما....لا أستطيع أن اقول أنه حار جدا الوصف الدقيق للطعم هو اشبه بمن يدير كوب بنزين مشتعل بالفم...
دموعي سالت دون طلب، والأخطر من ذلك أني صرت مثل طفل مبتلى بالسماط..لا يعرف الحركة ولا يعرف سوى الالم والنواح.
تطور الامر معي في المساء الى ما يشبه المغص...والتلوي وكنت أكذب على أهل منزلي متحججا بالطقس والبرد...والتكشف اثناء النوم....
لو أجرينا جردة للوصفات الاقتصادية التي أجريت على الاقتصاد الوطني في السنوات الخمس الاخيرة....سنكتشف أن هذه الوصفات تشبهني تماما فقد أحضرنا للدولة وصفة لانعرف مصدرها ولا من أين أتت وأدرناها عبر مايسمى بالمشاريع الاقتصادية وأجرينا لها خلطة مع الميزانية...ومن ثم قدمناها للشعب..وبالتالي على الناس أن تتلوى وتجوع وتشعر بحجم الحرقة والمرارة.
ثمة فارق بين الأقتصاد العالمي وتعريفات الأقتصاد المحلي بمعنى أن ما يناسب الصين لايناسب الاردن ومايناسب أيطاليا لا يناسب اليمن...وها نحن الان نمر بمثل الحالة التي مر بها عبدالهادي راجي حين قرر تجريب المزيج الصيني على صينية جاج...أردني من منتجات شركة الوطنية.
عودوا الى كل البرامج الاقتصادية من برنامج التحول الى دعم المشاريع الصغيرة الى الخصخصة...الى تنمية المجتمعات الريفية الى حتى المبادرات الاجتماعية..ستكتشفون أنها مجرد وصفات أخذناها من محلات غربية وجربناها على مواطن يفضل الغماس ولا يحب الأشياء الغريبة.
للعلم هذا الصباح...وجدت ما يشبه الطفح الجلدي وأيضا وجدت بثورا على اللسان وأعترف أن ثمة مشاكل أندلعت في الأمعاء....مشاكل ألزمتني أن اجلس وحدي مطولا....
على كل حال الزجاجة الصينية السحرية معي...وأنا (عازم ) الحكومة الأسبوع الجاي الحكومة كاملها..مع كل الفريق الوزاري.