١٨ شوال ١٤٣٢

الصين تبدأ العد التنازلي لقفزتها الهائلة التي تمهد لإنشاء محطة فضائية دائمة



بصاروخها المتحفز على منصة الإطلاق، حاملا أول معاملها الفضائية إلى المدار، تدخل الصين مرحلة حاسمة في خططها الرامية إلى تجميع محطة فضائية دائمة في غضون العقد المقبل.

وفيما جمدت الولايات المتحدة برنامج المركبات المكوكية للأبد، وبات مستقبل المحطة الفضائية الدولية ضبابيا بعد حادث كبسولة الفضاء الروسية "سويوز"، تستعد الصين للقيام بقفزة أخرى هائلة.

"تيان جونغ-1" أو "قصر السماء" كما يطلق عليه، هو وحدة فضائية مدارية لا تعدو أن تكون معملا فضائيا أوليا، لكنها ستسمح للصين أن تختبر مناورات الالتحام الضرورية لنجاح خططها الخاصة بإنشاء المحطة الفضائية.

كبسولة الفضاء "شينتشو8" أو "السفينة السحرية" تقبع هي الأخرى في مركز جيو كوان الفضائي بمقاطعة جانسو، تترقب لحظة الإطلاق، بعد تيان جونغ-1، والقيام بأول مناورات الالتحام.

من المتوقع أن يتم إطلاق تيان جونج-1 في وقت لاحق هذا الشهر بعد تأجيل عملية الإطلاق بسبب مشكلات غير متوقعة طرأت على صواريخ الحمل بعيدة المدى وهي من فئة صواريخ "لونغ مارش".

لقد فشل صاروخ من طراز "لونغ مارش-2 سي" في وضع قمر اصطناعي في مداره يوم الثامن عشر من آب (أغسطس) الماضي، في انتكاسة نادرا ما تواجه المهندسين الصينيين، لكنه كخطأ لم يجتذب نفس الاهتمام العالمي الذي نالته مشكلات روسيا الفضائية.

وتمكن المهندسون من حصر سبب المشكلة في نظام التحكم في ارتفاع المرحلة الثانية لصاروخ الإطلاق، وتأجل إطلاق وحدة الفضاء المدارية " تيان جونغ-1 "الذي يبلغ وزنه ثمانية أطنان لحين الانتهاء من فحوص السلامة، رغم أن المعمل سيحمل على متن صاروخ آخر أكثر تطورا.

وحدد السابع والعشرين من أيلول (سبتمبر) الجاري موعدا جديدا للإطلاق بحسب مصدر في برنامج الفضاء في بكين طلب عدم الإفصاح عن اسمه، إذ لم يعلن رسميا عن موعد للإطلاق.

وقال موريس جونز خبير الرحلات الفضائية الأسترالي "لقد تمكنوا من تحديد المشكلة وسوف يتغلبون عليها..لقد أدت (المشكلة) إلى تأجيل بسيط لكنني لا أرى داعيا لمزيد من التأخير".

كما تتوقع جوان جونسون فريز وهي متخصصة في شؤون برنامج الفضاء الصيني بكلية الحرب البحرية الاميركية، أن تتم عملية الإطلاق بنهاية أيلول (سبتمبر) الجاري.

بسبب وزنها الأكبر بكثير فإن الوحدات الفضائية التي ستشكل المحطة الفضائية الدائمة والتي يبلغ وزن الواحدة منها عشرين طنا، ستنقل للفضاء على متن صواريخ أقوى من طراز جديد "لونغ مارش-5 " والتي لم يتم اختبارها بعد، ومن ثم لا ينبغي أن يعرقل العطب الأخير خطط برنامج الإطلاق بشكل كامل، بحسب جونسون فريز.

وبمجرد أن يدخل "تيان جونغ-1" مساره المحدد مسبقا، ستلحق المركبة غير المأهولة بالرواد "شنتشو -8" به بعد أسابيع قليلة لاختبار مناورات الالتحام التي يتم التحكم فيها عن بعد.

ومن المقرر أن يزور رواد الفضاء "قصر السماء" مرتين سنويا في رحلات تقوم بها المركبات من طراز "شنتشو 9" و"ششنتشو -10" بهدف إنشاء محطة فضائية صغيرة تتكون من مجموعة من الكبسولات المتصلة ببعضها بعض.

بالطبع لن يضاهي معمل الفضاء الصيني التجريبي، معمل الفضاء الأميركي "سكاي لاب" الذي أطلق منتصف أيار (مايو) 1973، او معمل "مير" الروسي 1986 من حيث الحجم، لكنه يكفي كخطوة أولى.

لقد صممت محطة فضائية كاملة بحيث تكون مأهولة بالرواد بشكل دائم ومن المقرر تشغيلها بحلول عام 2020 تقريبا.

المقصورة الرئيسية يبلغ طولها 18 مترا وعرضها 2ر4 مترا وسوف تلحق بوحدتي عمل يبلغ طول الواحدة منهما 4ر14 مترا.

يتراوح وزن المحطة الصينية من ستين إلى سبعين طنا وهي بذلك أصغر بكثير من المحطة الفضائية الدولية التي يبلغ وزنها 450 طنا.

لكن نظرا لأن المشروع الأميركي الروسي المشترك-المحطة الفضائية الدولية- سيغلق تماما بحلول عام 2020 على الأكثر، فإن الصين ستكون الدولة الوحيدة التي لها موقع مأهول بالرواد في الفضاء.

سيكون هذا نجاحا كبيرا لأمة لا تزال ناشئة في مضمار الرحلات الفضائية، إذ أرسلت أول رائد للفضاء عام 2003، ولا تزال تقنيا على المستوى الذي بلغته الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي.

تقول جونسون فريز " دون مبالغة..البرنامج الصيني حاليا في نفس مرحلة (البرنامج) الأميركي إبان سنوات (مشروع) جيميني" في إشارة إلى برنامج وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" في ستينيات القرن الماضي.

وأضاف: " لكن المحطة الفضائية ما هي إلا جزء من البنية التحتية التي تعتزم الصين بنائها في الفضاء..وهي مختلفة بشكل مقصود عن البرنامج أبوللو".

المحطة جزء من برنامج فضائي طموح يهدف لبناء شبكة أقمار صناعية لنظام ملاحي والتنين الصيني يعد بالفعل لإجراء عمليات هبوط على سطح القمر بمركبات غير مأهولة بالرواد.

المشروع برمته في عهدة جيش التحرير الشعبي الصيني، ويهدف لخدمة أغراض عسكرية، حتى في ظل التأكيد على الأغراض السلمية، فجنرالات الصين يدركون مدى أهمية الاتصال عبر الأقمار الصناعية بالنسبة للحرب.

تقول جونسون فريز "لأن نسبة كبيرة من تكنولوجيا الفضاء لها استخدامات مزدوجة، ستكون هناك فوائد غير مباشرة للجيش الصيني، بالضبط كما أفادت تكنولوجيا أبوللو الجيش الأميركي".

غير أن فكرة قبول الصينيين يد العون من قبل الولايات المتحدة أو روسيا أو أوروبا، في محطتها الفضائية الدولية الجديدة غير واردة.

وقال جونز "هذا لن يحدث..لأسباب سياسية وتقنية..الولايات المتحدة ترفضه..ولديها مبررات استراتيجية حقيقية لذلك".

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار