١٩ شوال ١٤٣٢

بعد 10 أعوام.. أفول الدولار.. والرنمينبي يحكم العالم



الفوضى الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا تساعد على التعجيل بتنمية أعمق في المدى الطويل. فبعد ثلاثة قرون من الهيمنة الاقتصادية، هناك قوة صاعدة على وشك أن تتفوق على الغرب؛ الصين. ولا يقتصر الأمر على أن الاقتصاد الصيني يمكن أن يصبح عما قريب أكبر من اقتصاد أمريكا – إذا قيس بالقوة الشرائية – لكن يمكن أن يحل الرنمينبي محل الدولار باعتباره عملة الاحتياطي الرئيسية خلال العقد المقبل، أو بعده بوقت قصير.

سيسخر المتشككون من هذا الكلام لسببين. الأول، حتى لو تفوق اقتصاد الصين على اقتصاد أمريكا، يمكن أن يتأخر صعود الرنمينبي. فقد تفوق اقتصاد أمريكا على اقتصاد بريطانيا العظمى في أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر، لكن الدولار لم يحل محل الجنيه الاسترليني بشكل حاسم إلا مع الحرب العالمية الثانية تقريباً. وهذا يوحي إلى أنه يمكن أن تكون هناك فترة فاصلة تقارب 70 عاماً بين الهيمنة الاقتصادية وهيمنة العملة.

ثانياً، الصين بعيدة عن إيجاد البيئة السياسية والسوقية التي تجعل الرنمينبي عملة احتياطي . فما زال حساب الصين الرأسمالي منغلقاً إلى حد بعيد، وما زال الرنمينبي غير قابل للتحويل وغير متاح بشكل حر للأجانب، ونظامها المالي واقع تحت سيطرة الحكومة، وأسواقها تفتقر إلى العمق اللازم لتوفير السيولة التي لها أهمية بالغة لجعل العملة جذابة كي يتم الاحتفاظ بها ويجري تداولها. في ظل هذه الظروف، كيف يمكن للحكومات الأجنبية أو اللاعبين من القطاع الخاص أن يسددوا التزاماتهم بالرنمينبي، أو أن يحتفظوا بالأصول المقومة بالرنمينبي، أو يقوّموا المعاملات الاقتصادية بالرنمينبي؟

بعبارة أخرى، الولاء للدولار وافتقار الصين للمتطلبات اللازمة للسياسات تجعل صعود الرنمينبي أمراً بعيد الاحتمال. هذا القول ينطوي على خطأ كبير. أولاً، هذا التشبيه التاريخي المعتاد مضلل. فقد تخلت بريطانيا العظمى عن هيمنتها الاقتصادية في وقت متأخر جداً، وتخلى الجنيه الاسترليني عن هيمنته في وقت أبكر بكثير مما يعتقد. الهيمنة الاقتصادية بمعنى العوامل التي تحدد وضع عملة الاحتياطي لا تتأثر بحجم الاقتصاد فحسب، ولكن بقوته التجارية والمالية الخارجية. وبهذا المعيار، تفوقت الولايات المتحدة على المملكة المتحدة ليس في سبعينيات القرن التاسع عشر، بل في فترة الحرب العالمية الأولى فقط. والحقيقة هي أن المملكة المتحدة كانت أكبر مصدر وممول صاف في العالم حتى عشرينيات القرن الماضي.

ثانياً، لحقت الصين بالولايات المتحدة كقوة اقتصادية. فاقتصادها بالحجم نفسه تقريباً، بالقوة الشرائية، في حين أن صادراتها وأصولها الخارجية أكبر بكثير. وإذا كان للمرء أن يعقد التشبيه التاريخي الصحيح، فإن إمكانية أفول الدولار لا تبعد سوى عقد من الزمن. وقوة الصين الاقتصادية توجد الظروف التي تمكن عملتها من الصعود.

هذا ليس أمراً محتماً بالطبع. فما زال يترتب على الصين أن تجري إصلاحات كبيرة على سياستها، لكن تدويل الرنمينبي وضع في حركة لا عودة عنها بطريقة صينية مميزة. هذه العملية تدار على مهل، وعن طريق التدخل، وبلداً بلداً، إذ لا يكاد يمضي يوم من دون أن تمنح هيئة أجنبية أو بلد أجنبي وصولاً أكبر، لكنه انتقائي للرنمينبي: في الأسبوع الماضي فقط، تم إطلاق مبادرة لجعل لندن مركزاً خارجياً محتملاً لتداول الرنمينبي، استكمالاً لخطط مشابهة خاصة بشنغهاي وهونج كونج. ويفترض أن يعتمد التوسع في هذه التجربة على نجاحها.

لماذا تريد الصين أن تحول الرنمينبي إلى عملة احتياطي؟ الجواب هو أن السلطات الصينية عاكفة على البحث عن مخرج من استراتيجية النمو المستمرة منذ عقود والمثيرة للجدل، القائمة على إبقاء عملتها منخفضة القيمة واقتصادها مغلقاً في وجه رأس المال الأجنبي. وتدويل الرنمينبي يوفر هذا المخرج.

ومع ابتعاد الصين عن الميركنتالية، ومع ارتفاع سعر صرف الرنمينبي، ستكون هناك معارضة قوية من القطاع القابل للتداول الذي استفاد من انخفاض سعر صرف العملة. وللتغلب على تلك المعارضة، يمكن للصين أن تبرز الفوائد التي ستحقق من وضع عملة الاحتياطي للرنمينبي. وستكون الحجة أن المكاسب التي ستتحقق للهيبة الوطنية من تشجيع الرنمينبي على الارتفاع إلى وضع عملة الاحتياطي وتجاوز الدولار أكبر من الخسائر الاقتصادية والتحول من ارتفاع سعر صرف العملة. ويمكن أن تكون عبارة ''الرنمينبي يحكم'' الشعار، وحتى حبل الحياة، لصانعي السياسات في الصين وهم يبحثون عن المخرج الصعب، لكن المرغوب، من الوضع الميركنتالي الراهن. وقبل ما يعتقده أي شخص تقريباً، يمكن أن يصبح ذلك الشعار أيضاً عين الحقيقة في الصين.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار