٠٦ رجب ١٤٣٣

الإعلام الصيني يلقي الضوء على مستقبل مصر عقب الانتخابات الرئاسية


ألقت وسائل الإعلام الصينية بكافة أشكالها المكتوبة والمرئية الضوء على مجريات أحداث الانتخابات الرئاسية المصرية، الأولى بعد ثورة 25 من يناير.
وخصصت هذه الوسائل أجزاء من مقالات محلليها وكتابها للحديث عن فرص المرشحين الرئاسيين ومستقبل مصر عقب الانتخابات على المستوى الداخلى كفرص دفع وانعاش الاقتصاد المصري المتأزم، وأيضا سياسة مصر المستقبلية الخارجية وإعادة الدور المصري على المستويين الاقليمي والدولى.
وفى تحليل ذي مضمون مشترك نشرت صحيفة (الشعب) الصينية الرسمية، كما أذاع التليفزيون المركزى الصيني حلقة من أحد برامجه الحوارية عن الانتخابات الرئاسية المصرية التى ستنطلق غدا، وتحدثتا وسيلتا الاعلام الصينيتين عن كونها أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر بعد الثورة والتى أدت بدورها إلى تخلى الرئيس السابق حسني مبارك عن منصبه وإلحاق أضرار بالاقتصاد المحلي ليواجه المصريون صعوبات جمة في سياق حياتهم اليومية.
وأشارتا إلى أن اهتمام غالبية الشعب المصري ينصب على ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستصبح بداية لدفع الانتعاش الاقتصادي المصري قدما.
واستشهدت ''الشعب'' بنتيجة استطلاع للرأي أجراه مؤخرا مركز (بيو) الأمريكي للأبحاث والذى قال إن 81% من المواطنين المصريين ينظرون إلى ''تحسين الاقتصاد'' على أنه أهم القضايا في الانتخابات الرئاسية مقارنة بأي قضية أخرى تتعلق بالإصلاح السياسي، ما يكشف عن رغبة شديدة لدى الشعب المصري في خروج الاقتصاد من مأزقه الحالي عن طريق الانتخابات الرئاسية.
وأضافت أن الانتخابات الرئاسية المصرية تأتي وسط ظروف صعبة يتفاقم فيها الوضع الاقتصادي الذي يعاني من اضرار شديدة إثر تغيير النظام وتزايد الفوضي الاجتماعية منذ بداية العام الماضي، إذ تتأثر العملية التجارية في مصر من آن لآخر جراء الاضطرابات فيما ترتفع الأسعار ويتزايد معدل البطالة وينخفض عدد السياح والتمويل الأجنبى وكذا الاحتياطى الأجنبي.
وأشارت صحيفة (الشعب) الصينية إلى أن الوضع الاقتصادي المصري شهد أيضا تدهورا ملحوظا مقارنة بما كان عليه فى السنوات الماضية، ولهذا، يولي الشعب المصري اهتماما بالغا بالشؤون الاقتصادية خلال حملة الانتخابات الرئاسية.
ومن جانبهم قال محللون صينيون، فى أحد برامج شبكة التليفزيون الصينية (سي سي تي في) إنه في ظل اهتمام المصريين بما إذا كانت الانتخابات قادرة على إتاحة ظروف ملائمة لدفع انتعاش الاقتصاد في فترة ما بعد الانتخابات، فإن الاطار الاقتصادي العام فى مصر لم يلحق به ضرر بالغ إثر الأزمة السياسية والاضطرابات الاجتماعية.
وأشار إلى أن الصناعة وتصدير الطاقة وإيرادات قناة السويس والحوالات المالية من العمال المصريين في الخارج لا تزال تشكل عمادا أساسيا لهذا البلد ولم تتأثر كثيرا عقب تغيير النظام.
وأضاف المحللون أن أهم الشروط لدفع انتعاش الاقتصاد المصري هي الحفاظ على استقرار قيادة البلاد والمجتمع المدني من أجل جذب السياح الأجانب وعودة التمويل الخارجي إلى مصر مجددا، لكنهم حذروا من ان المستقبل فيما بعد الانتخابات الرئاسية في مصر قد لا يبعث كثيرا على التفاؤل، إذ ان المرشحين الرئيسيين لم يطرحوا مقترحات جديدة قوية لدفع الاقتصاد.
وأشار المحللون إلى أنه بالنسبة لمسألة ما إذا كانت الحكومة الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية المصرية قادرة على وضع سياسات اقتصادية جيدة لدفع التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعى، فإنه ما زالت تحت الرصد والمراقبة حيث شهد الاقتصاد المصرى قبل عدة سنوات زيادة سريعة ولكنه نتج أيضا عن مشكلات خطيرة مثل اتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء، الامر الذى كان من الأسباب الرئيسية وراء القيام بثورة 25 يناير العام الماضي.
وقال المحللون إنه فى الفترة ما بعد الثورة المصرية، اتخذت الحكومة المصرية الانتقالية سياسات واجراءات اقتصادية تتمثل في رفع الدعم الضخم الذي يحظى به المواطنون في قطاعى الغذاء والطاقة لتخفيف عبء المواطنين واستخدام الاحتياطى الأجنبي في محاولة لحماية استقرار سعر صرف العملة المصرية، وأدت هذه الاجراءات إلى ارتفاع ملحوظ في عجز الميزانية وخفض سريع في الاحتياطى الأجنبي لتزداد الصعوبات التى يواجهها عامة الناس في حياتهم.
ويتوقع المحللون الصينيون أن تواجه الحكومة الجديدة عراقيل في انجاز اصلاحات ملموسة في السياسات الاقتصادية والمالية الحالية في غضون مدة قصيرة حيث مازال تحسن الوضع الاقتصادي في مصر بحاجة إلى المزيد من الوقت، إضافة إلى ذلك يجب متابعة تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية على العلاقات الاقتصادية الخارجية، حيث بدأت الحكومة المصرية في السعى للحصول على قروض بقيمة 2ر3 مليار دولار امريكي من صندوق النقد الدولي منذ النصف الثاني من العام الماضي في محاولة لإخراج الاقتصاد من عنق الزجاجة، لكنها تعثرت في جهودها للحصول على تلك القروض الضخمة.
وأضاف المحللون أنه رغم أن المفاوضات كان تسير بصورة سلسة وتنتظر دخول مرحلة التنفيذ في مارس الماضي الا أن الخلافات بين مختلف الأحزاب في المواقف بعد الانتخابات البرلمانية المصرية التي جرت على ثلاث مراحل من نهاية 2011 حتى مطلع 2012 ما اسفرت عن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن الامر الذى من المحتمل ان يخيم بظلاله على العلاقات الاقتصادية الخارجية للحكومة المصرية الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية المصرية.
على الجانب الآخر ركزت بعض الصحف الصينية الصادرة باللغة الصينية والانجليزية كـ''تشاينا ديلى، وبكين توداى، وجلوبال تايمز، على ما وصفته جميعها بنقاط القوة والضعف للمرشحين الأبرز في سباق الرئاسة المصرية وقالت ''تشينا ديلى، وجلوبال تايمز'' إنه وسط ترقب شعبى مصرى وعربى ودولي لما ستسفر عنه مارثون الانتخابات من نتائج، وقدرة المرشحين على حسم المعركة الرئاسية سواء من جولتها الأولى أو من جولة الاعادة الا أن الانتخابات الرئاسية المصرية، تتسم بعدم وجود مرشح يحظى باجماع شعبي كبير، وهناك خمسة مرشحين على الأقل من بين 13 مرشحا، حسب استطلاعات الرأي التي أجرتها عدد من المراكز البحثية ووسائل الاعلام المختلفة، لديهم فرصة الفوز بالمنصب، وان كانت فرصهم غير متساوية، وغير محددة على وجه اليقين.
وقالت الصحيفتان الصينيتان (''تشاينا ديلى، وبكين توداى) إن المرشحين لاول انتخابات رئاسية بعد الثورة وهم، الفريق أحمد شفيق أخر رئيس حكومة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك الذي اطاحت به ثورة 25 يناير، وعمرو موسى وزير الخارجية الأسبق، وأمين عام جامعة الدول العربية السابق، والدكتور محمد مرسي رئيس حزب ''الحرية والعدالة'' الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والدكتور عبد المنعم ابو الفتوح العضو السابق بمكتب الارشاد بجماعة الإخوان المسلمين، وحمدين صباحي مؤسس حزب الكرامة هم أبرز المرشحين لرئاسة بمصر.
ونقلت صحيفة ''بكين توداى'' عن عدد من المحللين أن هؤلاء المرشحين الخمسة هم الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية يمتلكون قدرا من نقاط القوة والضعف، التي يمكن أن تكون لصالحهم أو ضدهم، حسب استغلالهم لنقاط قوتهم، أو استغلال المنافس لنقاط ضعف الأخرين لتحقيق الفوز بالمنصب الرفيع.
ونقلت الصحيفة عن تيان ون لين، الباحث والمساعد بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة قوله :''إن الإطاحة بالنظم القديمة وغير المعقولة وإنشاء نظام جديد يحتاجه العصر الجديد، هما أمران مختلفان، حيث يمكن أن يوحد الإطاحة بحكم مبارك الجماهير المصرية، ولكن قد لا يكونون قادرين بسهولة على العمل معا من أجل إقامة نظام جديد.. مشيرا إلى أن الديمقراطية الجيدة''، و''الديمقراطية السيئة'' تختلفان، حيث إن الديمقراطية الجيدة تسهم في ازدهار ورفع بالوطن إلى مكانة أقوى، ولكن الديمقراطية السيئة تعطي نتيجة عكسية.
وأضاف تيان أن الذي يخشى في الانتخابات الرئاسية في مصر هو صعوبة إزالة الصورة النمطية، وعلى الرغم من أن العديد من المرشحين للانتخابات الرئاسية في مصر الحالية، ولكن ما هي إلا مجرد '' المشاركة'' فقط، وإن التأثير الحقيقي والقدرة على المنافسة هي لما وصفهم (بالمشاهير) أمثال عمرو موسى وشفيق وجماعة الإخوان المسلمين في مصر و وفقاً للتقارير، فأن هؤلاء لا يصعب عليهم الوصول إلى سلطة الحكم، وأنه بغض النظر عن من يصل للسلطة، فإن جميعهم يمثلون مصالح وآراء النخبة، ومن غير المحتمل أن تظهر تغيرات جوهرية في طبيعة السياسة المصرية الداخلية والخارجية.
وأشار الباحث الصيني أنه من الواضح أن هناك تفاؤلاً مفرطاً في ظل الانخفاض المستمر في الاقتصاد المصري، السبب الذي أدى إلى الإطاحة بالنظام السابق، وفي القضايا الرئيسية، سيواصل بعض المرشحين استخدام اللون الإسلامي في ''اقتصاد السوق الحر''، وهذا المسار نفسه الذي أدى إلى الإطاحة بنظام الرئيس السابق.
وأوضح أن تغيير الحكومة فقط وعدم استبدال فكرة الحاكم وقيادة الفئة، يجعل الثورة السياسية المصرية تتحول من الدراما التاريخية إلى ما أشبه بالكوميديا، حيث من المحتمل أن نشاهد في الأخير (تفتح الأزهار فقط دون جني الثمار) وهو ما يجب تتجنبه مصر الجديدة.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار