٠٥ ربيع الآخر ١٤٣٣

الصين تتجه لإزاحة الولايات المتحدة عن قمة الاقتصاد العالمي

بثينة البلخي
يتجه الاقتصاد الصيني نحو انتزاع زعامة الاقتصاد العالمي من نظيره الأمريكي خلال ثلاث سنوات على الأكثر وذلك بعد أن أزاح الاقتصاد الياباني من طريقه في خطوة تؤهلها للعب دور حاسم ومسؤول في إنقاذ الاقتصاد العالمي من أزماته المزمنة التي فشلت واشنطن في حلها.
وفي الوقت الذي توقع فيه صندوق النقد الدولي أن يتجاوز حجم اقتصاد الصين بحلول عام 2016 نظيره الأمريكي من حيث تعادل القوة الشرائية رأت العديد من المؤسسات البحثية الدولية أن الاقتصاد الصيني أصبح منذ عام 2010 الأول في العالم وهذا ما أكده الباحث الاقتصادي أرفيند سوبرامانيان من معهد برينستون في حين اعتبرت دراسة أجراها مؤخرا الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا روبرت فينسترا أن الزعامة الاقتصادية العالمية ستنتقل إلى الصين في عام2014.
وأمام تعاظم القوة الاقتصادية للصين بدأ العالم يطالبها بالاضطلاع بقدر أكبر من المسؤولية عن صحة الاقتصاد العالمي ولاسيما أن سياستها النقدية التيسيرية تلعب دوراً كبيراً في التصدي لأزمات مالية حادة وهذا ما ظهر جليا في الأسبوع الماضي حيث تمكنت الأسهم الأوروبية من تسجيل أعلى مستوياتها منذ سبعة أشهر بعد أن يسرت الصين السياسة النقدية لمواجهة تباطؤ النمو.
واعتراف وزير الخزانة الأمريكي تيموثي غايثنر بالدور المسؤول الذي تضطلع به الصين في الاستقرار الاقتصادي في إطار سياستها الدولية لا ينفي المخاوف الأمريكية من خطورة هذا الدور على زعامة واشنطن التي أقرت على لسان وزير دفاعها السابق بول وولفينتر بأنها تعمل على منع معاودة ظهور أي منافس أو سلطة من السيطرة على منطقة موارد ما تكون كافية لتوليد سلطة عالمية.
وأمام هذا الواقع يرى خبراء اقتصاديون أن استمرار الاقتصاد الصيني في النمو وتمكنه في نهاية المطاف من مضاهاة الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي سيكثف المطالبات الدولية للصين كي تشغل حيزا أكبر من المسوءولية تجاه إنعاش الاقتصاد العالمي الذي يعاني أزمات خانقة في أوروبا والولايات المتحدة التي يبدو أنها غير قادرة حاليا على القيام بأي خطوة للضغط على الاقتصاد الصيني المتنامي بقوة رغم توقعات العديد من الخبراء بأن واشنطن قد تفكر بسياسات أخرى عند الضرورة قد تصل إلى القيام بعملية عسكرية ضد الصين بحسب كروب فيكتور أستاذ الإدارة العامة بكلية هارفارد الأمريكية محذرا في الوقت نفسه من بعض الأوراق الرابحة التي تمتلكها الصين وفي مقدمتها امتلاكها لسندات كبيرة في الخزينة الأمريكية من شأنها التأثير سلبا على الاقتصاد الأمريكي بصورة مباشرة إذا ما استغلتها الصين.
ولا ينحصر الضغط الأمريكي على الصين في مجال محدد وإنما امتد إلى أروقة السياسة ووسائل الإعلام عبر تأليب دول الغرب ضد سياسة الصين القائمة على شراء حصة أكبر من النفط الإفريقي بالتزامن مع مواصلة العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية العمل على تصوير الصين على أنها مستعمر جديد يحاول استعمار الدول الإفريقية وهو ما تنفيه بكين التي تستند في تعاملاتها الاقتصادية مع كل الدول على مبدأ الاتفاق فإما القبول وإما الرفض.
ويعقد مراقبون مقارنة بين الصين والولايات المتحدة في أسلوب الحصول على النفط في العالم ففي حين يقوم الأسلوب الصيني على الاتفاقيات الاقتصادية الندية التي تحفظ للدول كرامتها وسيادتها فإن الأسلوب الأمريكي قائم على افتعال الحروب لإفساح المجال أمام الشركات الأمريكية النفطية كي تعقد اتفاقيات استثمارية غالبا ما تكون مجحفة بحق الدول التي تفرض واشنطن عليها سيطرتها العسكرية والسياسية كما الحال مع العراق الذي احتلته وليبيا التي فرضت عليها تدخل حلف الناتو العسكري أو الخليج الذي تربط اقتصاداته بها عبر اتفاقيات قائمة على التبعية.
وتنظر دول عديدة في العالم إلى قوة الصين المتعاظمة كدولة اقتصادية داعمة لاقتصاد بعض الدول الفقيرة وقوة نامية يمكن الاستفادة منها مستقبلا ويعتقد محللون أن التفوق الاقتصادي إذا ما تحقق للصين فقد يكون مؤشرا نحو نهاية الهيمنة الأمريكية ولاسيما في ظل العديد من المؤشرات التي فضحت استراتيجيات الولايات المتحدة القائمة على فرض السيطرة بما مهد الطريق للتكاتف حول التيار الساعي لوضع حد لهيمنة القطب الواحد بعد أن بدأ العالم يتململ من سياسة الجشع الرأسمالي وحماية المصالح.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار