لا تبخل الصين بتوجيه دعوات لأصدقائها لزيارة ربوعها المترامية وفضاءاتها الشاسعة. هكذا هو الأمر هذه الأيام، التي يلتقي فيها مُمثلو الصحافة المصرية الورقية والإلكترونية، بالإضافة الى كاتب هذه السطور من الاردن، لمشاركة الصينيين والإذاعة الصينية إحتفالاتهم في بكين وشنغهاي ومدن صينية أخرى، بالذكرى الستين لتأسيسها، وذلك على نطاق صيني شامل، ووطني وعالمي. فالإذاعة في نظر القيادة الصينية والشعب الصيني ليست مجرد ظاهرة عادية، وليست بالقطع مناسبة عَابرة، إنما هي في المفهوم السياسي الصيني، المُحرّض والمُكتل للشعب، والدافع له لإجتراح المعجزات منذ فجر الحرية التي نالها الشعب بثمن فادح، عندما كسّرت الصين الى غير رجعة قيود الإستعباد والإسترقاق، فلعبت الإذاعة الدور الرئيس في توجيه الجماهير، وتعبئتها سياسياً، ثم الى دفعها لإجتراح المآثر، وأولها مآثرة صيانة الإستقلال الناجز، ثم تعزيزه، فالإنتقال السريع من المجتمع الزراعي المتوارث من أزمان سحيقة، الى المجتمع الصناعي، فتحقيق قفزة نوعية في حياة الشعب ومستواه الإقتصادي والإجتماعي.
كانت دعوة الزملاء من الصحافة المصرية، تأسيساً على مناسبة أخرى أيضاً، تحتفل الأوساط القيادية الصينية بها هذه الأيام على نطاق رفيع المستوى، وهي الذكرى الـ55 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين العاصمتين بكين والقاهرة، وزادت الصين على الوفد العربي إثنين فائزين بمسابقة دولية خاصة بهذه العلاقات المصرية الصينية، فتألف الوفد الذي حضر من بلاد النيل العظيم، من كبار الشخصيات في الحِراك الإعلامي والمهني والثقافي وهم الزملاء، كريمة رفعت من جريدة «الوفد»؛ وإيهاب شعراوي الناشط في «إيجيبشين غازيت»؛ والمهندس أحمد خليل عليوه في «الوفد» الإلكتروني؛ والدكتورة سمر السيد حسين من معهد البساتين الزراعي؛ والناشط الإجتماعي والكاتب وأحد مدراء شركة مصر للغزل والنسيج عبدالقادر حسن عبد القادر- عضو في رابطة فرسان العصر الدولية للعلاقات مع الصين التي استقدمته لمشاركتها الإحتفال بالمناسبة، ويترافق جميعهم في جولات مكثفة في مدن جنوب ووسط الصين، للإطلاع على الرقي غير المسبوق الذي نالته هذه الدولة الصينية وشعبها، وقد فاق بتسارعه تطور الدول الصناعية الغربية، مُذلِلاً الصِعاب الأيديولوجية والسياسية، وفاضاً الحصار الأقتصادي الذي كان فرض عليه لسنوات طِوال، حتى أضحى إقتصاد الصين إقتصاد العالم بلا منازع.
لكن زيارة كاتب هذه السطور الى بكين والمدن الصينية الأخرى، بدعوة من القسم العربي الزاهر للإذاعة، فكانت ذات طعم خاص، وتفوح بمعنىً متميز حقاً، فهي المرة الأولى التي تدعوني فيها الإذاعة الى الصين، بعد أربعين سنة من الإستماع المتواصل إليها ومراسلتها، بعدما كنت بطلبها مراقباً لها ومراسلاً في زمن سابق. والواضح أن الدعوة تتسم بكثير من الدقة والخصوصية وكثافة البرامج، لتعكس حقيقة الصين وواقع شعبها، إذ يزور الزملاء المصريون الصين للمرة الأولى، لذا حرصت الاستاذة (فائزة تشانغ لي) مديرة القسم العربي على مرافقة الوفد بنفسها وخدمته وإحاطته برعايتها ورعاية بلادها، وهي الناطقة باللغة العربية بطلاقة وسلاسة وعاملة بها يومياً في الإذاعة، تعكس رغبة الصينيين كبيرهم وصغيرهم، بتجسير علاقات سلسة مع العرب، وتطوير المشتركات معهم في مختلف المناحي، لذا جاءت أحاديث (فائزة) عن المملكة مُفعمة بالمحبة والتقدير، برغم من أنها لم تزرها قط لهذه اللحظة، لكنها تحرص على الحديث عن الاردن، وتناول علاقات بلادها مع بلادنا، وحَث الصحفيين العرب والصينيين العاملين في الإذاعة التي تبث بعشرات اللغات الحية، على نشر المواد الإعلامية عن الاردن في موقع الإذاعة العربي وبثها على الأثير الى مختلف أرجاء العالم. 
marwansudah@hotmail.com