٠١ ذو القعدة ١٤٣٢

ثقافة الابتكار الصينية



“الابتكار طريقنا إلى الفوز” عنوان كتاب جديد من سلسلة “معارف” الصادرة عن مؤسّسة الفكر العربي، يتناول ثقافة الابتكار بوصفها عملية نظامية تحتاج إلى جهود المجتمع كله، وعملية متواصلة تحتاج إلى المثابرة، وهي تقدّم أساساً لتنمية الشركات الكبيرة، وتشكّل عنصراً أساسياً في عملية التنمية المستدامة في زمن العولمة الاقتصادية. وبحسب مؤلفي الكتاب تشانغ يا تشين نائب الرئيس العالمي لمايكروسوفت، وتشانغ وي ينغ رئيس كلية قوانجهوا في جامعة بكين، الابتكار له دورة طويلة تبدأ من الإدارة إلى التمويل وصولاً إلى تحقيق العائدات.

عايشت الصين منذ انطلاق عملية الإصلاح والانفتاح فيها في العام 1978 محاولات التخلص من القديم لبعث الجديد، وهي عملت كي يكون الابتكار عاملاً حاسماً لإقرار القوة التنافسية للشركات في المستقبل، خصوصاً الابتكار التكنولوجي، إذ أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه جهود الابتكار في العالم. تولي الحكومة الصينية الابتكار الذاتي وبناء دولة مبدعة ومبتكرة الأولوية، إضافة إلى إنهاء اعتماد الصين على التكنولوجيا الأجنبية تدريجياً وتطوير الصناعات الصينية بالتكنولوجيا الصينية، وبالتالي إقامة منصة للبحث والتطوير تساعد على ممارسة وتحقيق الابتكار الذي يقرّر المستقبل، خصوصاً وأن 65 % من براءات الاختراع و80% من المنتجات الجديدة مصدره شركات العلوم والتكنولوجيا الأهلية في الصين التي تخلق نقاطاً جديدة للنمو الاقتصادي والمعرفي.

يتوزع الكتاب على تسع محاضرات ذات صلة بموضوع الابتكار ودوره واتجاهاته وأسسه وأساليب إدارته، ويستعرض المؤلفان دورة الابتكار وارتباطها بتغيرات خريطة الاقتصاد العالمي منذ ألفي عام عندما كانت الصين مركزاً للاقتصاد العالمي، ثم انتقل هذا المركز إلى الولايات المتحدة في القرن العشرين، لتعود كلّ من الصين والهند في القرن الحالي إلى لعب هذا الدور المرتبط بعملية الابتكار والنهوض الاقتصادي. ويقدّم الكتاب لمحة عن تاريخ الابتكار الصيني والمراحل الثلاث التي مرّ بها: الأولى وهي مرحلة “العمل الصيني الذاتي” المغلقة نسبياً وامتدت من العام 1949 وحتى العام 1978، والمرحلة الثانية التي أعقبتها مباشرة حين دخلت الصين عصر الإصلاح والانفتاح الجديد وحقّقت نمواً بمعدلات عالية وسريعة، تمثّلت في العقدين الأخيرين إذ تضاعف الناتج المحلي الصيني في العام 2007 بزيادة نحو 70 بالمئة أي ضعف ما كان عليه في العام 1978 أما المرحلة الثالثة فهي المرحلة الحالية وسيكون الابتكار الذاتي أساساً لها.

المحاضرات التي تضمنها الكتاب تدور حول الموضوعات التالية: “الابتكار طريقنا للنجاح في الحياة”، “مبدأ حياة شركة علي بابا”، الابتكار في الأسلوب التجاري: لماذا محرك البحث؟”، “نظرة إلى الصين من خلال مستقبل وسائل الإعلام الجديدة”، “وسائل اتصالات الهاتف المحمول: سلسلة القيمة وابتكار الشركات”، “استثمار المخاطر: بناء مايكروسوفت للصينيين”، “الصين: فردوس جديد لإقامة المشروعات”، “شركات العلوم والتكنولوجيا والابتكار الذاتي”، “إنشاء نظام ابتكارعالمي”.

يركّز الكتاب على شروط الاستمرارية من خلال ابتكار العمل ورفع قدرة القيادة وفريق العمل، وتكوين قوة التماسك بابتكار نظرية القيم المتعلقة بإدارة العاملين وضمان التنمية المستدامة بالابتكار التنظيمي، إضافة إلى علاقة الشركات الحيوية والناجحة بمحركات البحث، واختراع الأسلوب التجاري لمحركات البحث التي أصبحت منتجاً يصنع عصراً وأسلوباً تجارياً جديداً وجاداً. فالصين لا زالت تتمتع بعدد كبير من الفرص في ظل الأزمة المالية حيث الركود والفرص، وأن الفرصة الأولى للصين تكمن في الأسلوب التجاري المبتكر الذي يتخذ تكنولوجيا تساعده على رفع إنتاجيته وقدرته على المنافسة، إضافة إلى أن الصين تتفوّق تفوقاً غير مسبوق لأنها تمتلك احتياطياً مالياً ضخماً بلغ تريليوني دولار أميركي من العملة الصعبة.

وفي نظرة إلى الصين من مستقبل وسائل الإعلام الجديدة، يؤكد المؤلفان أن تطور صناعة وسائل الإعلام الصينية تبشّر بمستقبل باهر، إذ سيتوجه عدد كبير من شركات وسائل الإعلام إلى سوق رأس المال خلال السنوات العشر المقبلة، خصوصاً وأن الصين تحتل المركز الأول في عدد مستخدمي التلفزيون والإنترنت وكمية إصدار الصحف، وقد ارتفع دخل الإعلانات الصينية 7 أضعاف وازداد إجمالي الناتج المحلي الصيني ثلاثة أضعاف، كما تنمو وسائل الإعلام الصينية الجديدة بسرعة تفوق سرعة نمو وسائل الإعلام التقليدية وهي تتفوق بعدد شركاتها المسجلة. لقد حقّقت الصين تقدماً باهراً على مستوى الخدمات التقنية، إذ احتلت القيمة السوقية لـ “تشاينا موبايل” المركز الأول في قطاع الاتصالات في العالم، وأسهم الابتكار في دفع السلسة الصناعية نحو مزيد من التطور، إضافة إلى الخدمات المتطورة وجذب عدد كبير من الأكفاء في مختلف المجالات وتحديد اتجاه المختصين في الابتكار.

الكتاب: الابتكار طريقنا إلى الفوز

المؤلف: تشانج يا تشين وتشانج وي ينج

الناشر: مؤسّسة الفكر العربي

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار