٠٨ جمادى الآخرة ١٤٣١

الثمار السياسية للحوار العربي - الصيني


الدورة الرابعة للحوار العربي - الصيني في بكين مناسبة لتقييم جولات الحوار مع الصين فلا شك أن الصين تتقدم على المسرح الدولي صوب المكانة العالمية، وأنها تنهج لذلك الطريقة الصينية الهادئة البسيطة العملية لكنها تعرف ما تفعل وتخطط له، وتفهم أن القدرة الاقتصادية هي عماد الدور السياسي. ويمكن القول إن الحوار على مستوى وزراء الخارجية لا بد أن يعالج القضايا السياسية العربية وموقف الصين منها، وقد آن الأوان لكي نترجم حجم المصالح الاقتصادية العامة مع الصين إلى ثمار سياسية. وهذه النقطة مفهومة، ولكنها تحتاج إلى بعض التفصيل فمن الناحية الاقتصادية والتجارية والاستثمارية حقق التبادل التجاري العربي - الصيني رقماً قياسا تجاوز 107 مليارات دولار عام 2009 وقفزت الاستثمارات العربية والصينية معاً على الجانبين من 1.1 مليار عام 2004 إلى 5.5 مليار عام 2009، كما أن قيمة مشروعات الأعمال والإنشاءات في الجانبين قفزت قفزة فلكية من 13.5 مليار دولار عام 2004 إلى 70 مليارا عام 2009. معنى ذلك أن إجمالي المصالح الصينية - العربية في المجال الاقتصادي بشعبه المختلفة تتجاوز 180 مليار دولار في العام الماضي، وهذا المبلغ يزيد قليلاً على نصف حجم المصالح العربية - الأمريكية (حوالي 3 تريليونا) مع الأخذ في الاعتبار قصر المدة التي اتجه فيها التركيز على الصين فهل يستطيع العرب أن يترجموا كل هذه المصالح مع الجانبين الصيني والأمريكي إلى مواقف سياسية مساندة للحق العربي في فلسطين؟ من الواضح أن العرب يفصلون بين المنافع الاقتصادية المتبادلة وعائدها السياسي، ومن باب أولى ليسوا مستعدين للضغط بهذه الأرقام للحصول على تعديل في المواقف السياسية.

فالملاحظ أن واشنطن تدعم إسرائيل وسياساتها إلا من بعض كلمات النقد الحانية التي لا تتناسب مطلقاً مع التأكيدات الصارمة على دعم أمن إسرائيل، بالمعنى الذي تريده إسرائيل، مما أدى إلى انحسار الحقوق العربية وتوحش المشروع الصهيوني رغم التمنيات الطيبة والعلاقات العامة المرافقة لخطط نتنياهو والإيهام بأن أوباما حاقد على "غريمه" نتنياهو الذي لا يستمع أصلاً إلا لهاجسه الصهيوني.

أما الصين التي كانت "الحليف الطبيعي" للعرب والداعم المخلص للحق الفلسطيني فقد اعترتها التغيرات، أهمها أنها تريد أن تكون قوة عالمية ولهذا ثمن في كل الملفات وأسهلها الملف العربي - الإسرائيلي فرغم العلاقات المتطورة بين العرب والصين وادعاء الصين بأنها من دول العالم الثالث، وأن العدل جزء من تركيبها، إلا أن علاقة الصين بإسرائيل تتطور بقدر تطور العلاقات الإسرائيلية - الهندية. ولكن المفاجئ هو أن الصين، التي كانت تؤيد بشكل روتيني حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وهو موقف روتيني لا يقدم شيئاً ملموساً للفلسطينيين، وجدت هذه المرة أنه لا ينفع الفلسطينيين ولكنه يضر أدبياً بمخطط تهويد القدس الشرقية، فقدرت أن الخروج على الصيغة الروتينية لن يضر العرب ولكنه سيرضي إسرائيل فرفضت هذه المرة، وخلافا لمواقفها السابقة، أن توافق على مشروع بيان عربي - صيني يؤكد حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة عاصمتها القدس. هذا الموقف الصيني الذي تناقلته الأنباء - إن صح - فإنه مؤشر خطير ويتقدم حتى على الموقف الأمريكي نفسه، ويتطلب معالجة عاجلة.

السفير د. عبد الله الأشعل
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار