٠٩ جمادى الآخرة ١٤٣١

العاديات الصينية فى مصر خطر يهدد الهوية


صنعوا لنا فوانيس رمضان وهى جزءً من الذاكرة المصرية وصنعوا لنا الألعاب المصرية بروح صينية فتاهت الذاكرة بين منتج يحمل سمات الشخصية المصرية ومنتج بلا طعم ولا روح ولكنه أرخص وربما أجود نتيجة التقنية العالية بالصين .



ولكن الأخطر من كل هذا أن يغزو السوق المصرى عاديات " وهى المنتجات التى تباع بخان الخليلى وتمثل نماذج فنية من أشكال الحضارة المصرية القديمة الفرعونية والمسيحية والإسلامية " .



وهذه المنتجات الصينية من نماذج لتماثيل فرعونية وأشكال مختلفة من منتجات الحضارة المصرية القديمة تغزو سوق العاديات المصرية وتتميز برخص ثمنها فيقبل عليها السياح ممن لهم خبرة بسيطة عن معالم الحضارة المصرية القديمة.



أما السائح ذو العشق والفهم للحضارة المصرية القديمة يمكنه التمييز بين المنتج الفرعونى بالروح الصينية والمنتج ذو الروح المصرية والمصنوع بأيدى مصرية والفارق الفنى بينهما كبير.



ورغم ذلك فإن فتح السوق على مصراعيه لهذه المنتجات الصينية سيؤدى إلى طمس الهوية المصرية وضعف الصناعة المحلية وتحويل الصناع المهرة ذو الخبرة الطويلة لأعمال أخرى وبعدها نبحث عن صناع صينيين يعيدوا لنا قراءة التاريخ المصرى .



وبشئ من الخوف على المستقبل والحزن والأسى يشير الأستاذ إبراهيم سمير صاحب محل للعاديات من منتجات خان الخليلى على مدى عشرين عاماً إلي أن صناعة العاديات فى مصر مهددة بالإنقراض مع استمرار غزو المنتج الصينى للأسواق المصرية .



ويوضح مراحل العمل الصعبة فى صناعة المنتج المصرى بين التجوال فى منطقة شق الثعبان بمصر القديمة للحصول على البودرة الخاصة لصناعة الأحجار اللازمة لعمل التماثيل وهذه البودرة تمثل بودرة الجرانيت والبازلت والحجر الجيرى والألبستر والمرمر والجرانيت الأخضر .



وتخلط بودرة كل نوع من هذه الأحجار بمادة البولستر السائلة التي يأتون بها من مدينة 6أكتوبر والمستوردة من السعودية وإيطاليا وتايوان وعند خلط البولستر مع بودرة الجرانيت مثلاً تعطينا مادة الجرانيت الصلبة والتى يتم تشكيلها لصنع التماثيل المطلوبة مع خلطها بالألوان المائية المناسبة كما يدخل ورق الذهب كبطانة للقطعة.



وتنحت القطعة نحتاً يدوياً بمهارة مصرية فائقة صبغتها مدة الخبرة الطويلة والتجوال لسنوات بين آثار مصر الخالدة للتعرف على معالم الحضارة المصرية القديمة لتحقيق التواصل بين الأجداد والأحفاد .



وهكذا ينجز الصانع المصرى عمله بين جنبات معالم الحضارة المصرية ويستلهم روحها التى تظهر فى منتجاته المميزة ويضيع كل هذا مع عدم وجود حقوق للملكية الفكرية للمفردات التى تمثل الذاكرة المصرية من صناعات متوارثة عبر الأجيال لا يختلف عليها إثنان وعاديات مصرية لها طابع مميز يعرفها العالم بأسره.



ولا يوجد حقوق للملكية الفكرية إلا للنماذج التى ينتجها المجلس الأعلى للآثار وهى نماذج طبق الأصل أما بقية المنتجات من العاديات المصرية فليس لها أى حقوق ملكية وفى ظل عدم وجود رقابة للمنافذ المصرية لمنع تهريب المنتجات الصينية إلى مصر وعدم وجود دعم للخامات التى يستوردها المصريون بأسعار مرتفعة علاوة على عدم مراقبة الخامات المستوردة نفسها للتأكد من مدى جودتها فإن هذا الوضع يسئ للمنتج المصرى .



خاصة فى ظل عدم وجود خطط لحماية هذه الصناعة من الاندثار وذلك بالتوسع فى إنشاء ورش جديدة لهذه الصناعة لتدريب شباب الخريجين عليها وتأهيلهم لهذا العمل ودعمهم مادياً فإن ما يجري يهددنا بضياع الهوية وفقدان الذاكرة وطمس معالم التراث المصرى بكل أشكاله.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار