٠٦ ربيع الآخر ١٤٣٣

انفعال واشنطن جراء الفشل في سورية يوقعها في المصيدة الروسية الصينية


عداد الأخطاء الدبلوماسية الأمريكية المتصاعد في تعاطيها مع الأزمة السورية من خلال إصرارها على تجاهل التاريخ وإخفاء الحقيقة وضعها بمزيد من العقبات على الساحة الدولية ودفعها للانفعال والتخلي عن حذرها المعتاد واطلاق تصريحات ادت في النهاية لوقوعها في المصيدة الروسية الصينية المتخمة بأوراق القوة والعديد من التحف التاريخية عن ماضي الولايات المتحدة الحافل بانتهاكات حقوق الانسان.
فبعد الفضيحة السياسية التي ارتكبتها في وقت سابق فكتوريا نولاند الناطقة باسم الخارجية الامريكية بدعوتها عناصر المجموعات الارهابية المسلحة في سورية لعدم القاء السلاح فتحت رئيسة الدبلوماسية الامريكية هيلاري كلينتون باب الجحيم على سياسة بلادها عندما هاجمت الموقف الروسي الصيني حيال سورية ووصفته بأنه جدير بالازدراء الامر الذي استدعى ردا متزامنا للبلدين قدما فيه تفنيدا لنوعية السياسة القذرة التي تديرها واشنطن في العالم وتعداد التجارب الامريكية المشينة في العراق وليبيا والعديد من مناطق العالم.
ووضع هذا الارتباك الدبلوماسي واشنطن بين فكي كماشة عالمية فمن جهة وجدت نفسها في فخ المواجهة مع روسيا التي اعلنت قبل ايام انها ستتخذ اجراءات واضحة للرد على مشروع الدرع الصاروخية الامريكية في اوروبا الشرقية بما يحقق مصالحها ومن جهة اخرى تتخوف من انزلاقها لمواجهة مع المارد الاقتصادي الصيني وهي في اشد الحاجة للاستقرار الاقتصادي اذ ان الصين تشكل أكبر مقرض للولايات المتحدة بمبلغ /9ر798/ مليار دولار على شكل سندات خزينة طويلة الاجل.
وقاد الرد الروسي على تصريحات كلينتون المرشح الاوفر حظا للفوز في الانتخابات الرئاسية الروسية فلاديمير بوتين الذي اعتبر أن الموقف الغربي تجاه سورية وقح اذ انه على العالم الخارجي الامتناع عن فرض رؤيته على الشعب السوري مشيرا إلى أن استخدام بلاده لحق النقض الفيتو في مجلس الامن ضد قرار يتيح التدخل العسكري في سورية جاء ردا على وقاحة الاخرين الذين رفضوا ايصال أي رسالة للمعارضة المسلحة.
واستدعى بوتين في مقال له نشرته وسائل الاعلام الروسية التاريخ للتدليل على سلبية السياسة الامريكية بدءا من العراق وصولا إلى ليبيا وكيف دمرت بلدانا بأسرها دون مراعاة لحقوق الشعوب واستخدمت سياسة انتقامية تجاه من وقف ضدها مشيرا إلى زحف الشركات الامريكية وغير الامريكية إلى بلدان ما يسمى ربيع الثورات العربية الامر الذي يعزز الاعتقاد حسب بوتين بان اكثر الاحداث مأساوية حفزتها مصالح هذه الدول الاقتصادية وليس الاهتمام بحقوق الانسان ولذلك فان روسيا لن تسمح بتكرار التجربة نفسها في سورية.
وبالتزامن فان تصريحات كلينتون استدعت ردا صينيا واضحا لا لبس فيه بين فيه الناطق باسم الخارجية الصينية هونغ لي ان بلاده لا يمكن أن تقبل مثل هذه التصريحات داعية دول العالم الى الامتناع عن فرض خططها على الشعب السوري.
وفي السياق نفسه قدمت صحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم عرضا تاريخيا لأخطاء واشنطن في العراق ووصفت تصريحات كلينتون ازاء سورية بانها /غطرسة فائقة/ اذ انه ليس من حق الولايات المتحدة بعد فضائح حرب العراق ان تنصب نفسها ناطقا باسم الشعوب العربية حيث انها لم تعد تمتلك الشرعية الاخلاقية فسياستها تتسم بالغطرسة والتعالي والتجربة العراقية تطرح الكثير من الاسئلة بشأن صدق وكفاءة السياسة الامريكية.
ورغم ان الدولتين العظميين لم تعودا إلى الماضي المخزي لأمريكا في فيتنام والصومال والسودان الا انهما نجحتا في استحضار احدث التجارب الديمقراطية الامريكية في ليبيا والعراق والتي لاتزال تطوراتها تتفاعل على الارض قتلا وارهابا ونهبا لمقدرات هذين البلدين العربيين الغنيين بالموارد.
ويرى مراقبون أن تطابق العبارات الروسية الصينية يقدم دليلا واضحا على تنسيق المواقف بين البلدين واعتمادهما منهجية واضحة في التعامل مع التكبر الامريكي تلزم الولايات المتحدة بالعودة إلى القانون الدولي وتضع حدا لتلاعبها بالسياسة الدولية معتبرين أن الموقف الروسي الصيني المتماسك تجاه الازمة السورية فكك الشيفرة السرية لحقيقة الموقف الامريكي وازال اللبس الذي كان يغلفه وذلك من خلال جر الدبلوماسية الامريكية لمزيد من الاخطاء ودفعها للتخلي عن تحفظها رغم انها كانت بغنى عن ذلك لو تركت الافتراء والتضليل لسيناتورات الحروب امثال جون ماكين وجوزيف ليبرمان.
وفي المحصلة فإن انخراط قوى الاستعمار القديم الجديد في العدوان السياسي والاعلامي والعسكري على سورية وسعيهم للتدخل في تفاصيل الازمة السورية ومخاطرتهم باستعداء القطبين العالميين روسيا والصين يؤكد حقيقة ثابتة تفيد بأن ما يجري لا علاقة له من قريب او بعيد بمصالح الشعب السوري كما تحاول الولايات المتحدة واتباعها الاوروبيون وعملاؤها تسويقه عبر اعلامها وبياناتها السياسية.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار