تثير العملة الصينية ردود فعل مضنية دائماً. وتشير إحدى وجهات النظر إلى أن اليوان سيطيح بالدولار قريباً من عرشه كعملة العالم الاحتياطية المهيمنة. وتشير وجهة نظر أخرى إلى أن الصين تتحمل مخاطر هائلة عن طريق السماح بعملية تحرير حسابات رأس المال بالمضي قدماً في الإصلاحات الداخلية.
وبغض النظر عن السياسات الحكومية، فإن حساب رأس المال في الصين أصبح أكثر انفتاحاً على مر الزمن في الوقت الذي يوفر التكامل التجاري و المالي المتزايدين المزيد من القنوات بالالتفاف حول الرقابة على رأس المال. وبدلاً من مقاومة المحتوم، فقد تبنت الحكومة تغييراً تدريجياً، من خلال التخفيف من القيود المفروضة على التدفقات الواردة والصادرة على حد سواء، وليس التخلص منها. والهدف من ذلك هو التحويل الكامل غير المقيد لتدفقات رأس المال، ولكن مع بعض الضوابط الإدارية و الرقابة التنظيمية «اللينة».
و تعمل الحكومة الصينية أيضاً على توطيد عملتها من أجل دور أوسع نطاقاً في التجارة العالمية والتمويل. وتوفر هونغ كونغ أرضية اختبار مثالية لتفعيل دور اليوان من خلال تسوية المعاملات التجارية، فضلاً عن الودائع والسندات المقومة باليوان.
ووقعت بعض البنوك المركزية صفقات مقايضة للعملات مع البنك المركزي الصيني، وبدأت إضافة اليوان إلى محافظ احتياطات النقد الأجنبي لديها. و من ثمّ، فإنه في ظل ثقلها الاقتصادي الكبير، فإن الصين تروج بنجاح لاستخدام اليوان على المستوى الدولي دون انفتاح كامل لحساب رأس المال، أو السماح بتعويم العملة.
وبالنسبة لوضع العملة الاحتياطية، يعتبر حساب رأس المال المفتوح و سعر الصرف المرن ضروريان. لكن حتى هذا غير كافٍ.
إذاً فما الذي يحدد وضع العملة كاحتياط؟ فحجم العملة، نسبة إلى أسهم الدولة في الناتج المحلي الإجمالي والتجارة العالميين له أهمية كبيرة. لكنه ليس حاسماً، ذلك أن سويسرا تكاد لا تكون عملاقة في حين أن عملتها وهي الفرنك السويسري تعتبر عملة احتياطية.
وعلى النقيض من المفاهيم الخاطئة الشائعة القائمة على الدولار الأميركي، فإن العجز في الحساب الجاري، والذي يعكس صافي المخصصات الاحتياطية للأصول المالية بالنسبة لبقية العالم، ليس ضروريا. فقد حظيت اقتصادات العملة الاحتياطية الكبرى، بما فيها منطقة اليورو واليابان، بفوائض في حساباتها الجارية أو على الأقل بحسابات جارية متوازنة لفترة طويلة.
من الأهمية بمكان وجود سياسات نقدية و مالية تحافظ على قيمة العملة، لكن الاقتصادات الكبرى المتقدمة لا تكاد تشكل نماذج لسياسة ذكية. و قد شكّل ذلك تهديد ضئيلاً حتى الآن بالنسبة لوضع عملتها الاحتياطية.
العامل الحاسم يتمثل في تطوير الأسواق المالية. فمن الناحية التاريخية، حققت كل عملة احتياطية هذا الوضع في ظل ظروف فريدة من نوعها، وأثارتها دوافع مختلفة. ولكن في جميع الأحوال، تمكن المستثمرون الأجانب من شراء الأصول ذات الجودة العالية، المتمثلة عادة في سندات الشركات الحكومية المقومة بعملة البلد.
ومن المفارقات، المتعلقة بعدم وجود الأصول الآمنة الأخرى هي المستوى المرتفع و المتصاعد من الديون الحكومية الأميركية يدعم دور الدولار باعتباره العملة الاحتياطية المهيمنة.