٢٩ صفر ١٤٣٣

أولمبياد سياسية!


 حجاج بوخضور
 ستشهد الكثير من الدول في عام 2012 حالة عدم استقرار سياسي، وستتغير معها موازين القوى الدولية، وسيبدو الوضع في العالم قاتما، وسيُسجَّل مزيد من التراجع والتدهور على جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، نتيجة الصراع الاقتصادي بين أميركا والصين، وستكون الجبهة الرئيسية لهذا الصراع في الشرق الأوسط للسيطرة على موارد النفط وطرق نقله، وذلك للحد من تنامي عجز الميزان التجاري الأميركي وتعطيل استمرار النهوض الاقتصادي الصيني.
يهدف التصعيد بين واشنطن وإيران إلى تضييق الخناق على الصادرات النفطية للصين، وذلك باستثارة إيران من خلال تصعيد العقوبات الاقتصادية عليها، لدفعها إلى حافة الهاوية، بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله %20 من التجارة النفطية، على نحو يراه المجتمع الدولي خرقا فاضحا للقانون الدولي، ليعطي مبررا للإجماع الدولي بتطبيق سلسلة من الإجراءات العقابية تجاه إيران والصين! بيد أن إيران تقرأ جيدا أرقام ودلالات الاقتصاد الأميركي، وتدرك أنه يمر بعنق زجاجة من الركود إلى الانتعاش، ولذلك لن تنساق إلى هذا الاستفزاز، بل ستستغله بممارسة الضغط من لعبة بوابة مضيق هرمز، لتعزز سيطرتها على دول المنطقة وإقامة دولة موالية لها في الساحل الغربي من الخليج، ويمكن تشبيه ما يحدث بينهما، بأنه «لعبة شطرنج عالمية»، يتم من خلالها تحريك قطع الشطرنج بدقة بالغة، وصولا الى الفوز بالمباراة التي يحشد لها الدهاء السياسي والتكتيك البديل، لمفاجأة الخصم، بما لم يكن في الحسبان، ألا وهو تجريده من أوراقه القوية وصولا إلى «استسلامه»، ولعل ذلك يفسر الرغبة الصينية في عدم التضحية بسوريا من دون مقابل، لأن سقوطها معناه تقويض دور إيران وضعف تأثير ورقتها في لعبة المساومات والابتزاز، بما يؤدي إلى فقدان الصين المجال الحيوي الذي يوفرانه لها، وقد تبدي الصين بعض الليونة مع التوجه الدولي والعربي في الموقف من سوريا، لا سيما إذا حصلت على مقايضة مجزية من الولايات المتحدة، خاصة في الملف التايواني ومصادر نفط بديلة، ولذلك ستبقى الصين مساندة لإيران في توجهاتها الاستراتيجية، التي أهمها دعم النظام السوري والبرنامج النووي الإيراني.
من الأوراق المهمة في هذا الصراع - أيضا - دعم الولايات الأميركية لمكانة جماعة الإخوان المسلمين في التحكم ببنية الأنظمة السياسية العربية، والذي يحمل في طياته وغاياته كثيرا من الأهداف، أحدها تحريك الأقليات الإسلامية في الصين القلقة على أوضاعها، ولعل ما أثار شكوك الصين في ذلك هو التساؤل عن طبيعة القوى المحركة لــ «الربيع العربي» في هذا الوقت، ولماذا حظيت التظاهرات العربية بتغطية واسعة من الإعلام الأميركي، بينما لم تحظ تظاهرات «وول ستريت» بالتغطية نفسها؟! مما جعل الصين تعتبره دليلا على تشجيع الأقليات الإسلامية فيها للانفصال عنها، ومن ثم عزلها عن مصادر الطاقة الرئيسية!

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار