٢٨ ربيع الأول ١٤٣٠

خلل فى الميزان التجارى بين المغرب و الصين

تشهد المبادلات التجارية بين المغرب والصين خللا كبيرا, إذ يستورد المغرب من الصين كل شيء تقريبا, فيما لا يصدر لها إلا القليل, حيث بلغ حجم الصادرات الصينية للمغرب, سنة 2008, رقما قياسيا فاق مليارين و175 مليون دولار, مقابل واردات من المغرب لم تتجاوز 100 مليون دولار.
وأصبحت الصين, بحكم الواقع, ثالث أكبر شريك اقتصادي للمغرب, مستحوذة على حصص كبرى لأسواق تقليدية للمغرب, في مختلف أصناف المواد, من المنتجات الزراعية والنسيج, إلى المعدات الميكانيكية والإليكترونية.وتعزز هذا المعطى, منذ مطلع السنة الجارية, رغم الأزمة الاقتصادية العالمية, وتأثيرها على الصادرات الصينية, إذ تفيد أحدث معطيات مكتب الصرف, أن المغرب استورد من الصين خلال يناير الماضي 1673.7 مليون درهم ( نحو 197 مليون دولار), مقابل صادرات مغربية للصين, خلال الشهر نفسه, لم تتجاوز 28.7 مليون درهم (حوالي 3.3 ملايين دولار).وتأتي في مقدمة السلع المستوردة, أجهزة التلفزيون والمطبخ, والآلات الصناعية والسيارات, والشاي, والنسيج.وجاءت الصين في الصف الثالث كزبون للمغرب وراء كل من فرنسا (حوالي 30 مليون درهم) وإسبانيا (2018 مليون درهم).وقام نائب وزير التجارة الصيني, في زيينغ, بزيارة للمغرب, رفقة وفد من رجال الأعمال, لبحث العلاقات الاقتصادية والتجارية, ويعد أبرز موضوع على أجندتها كيفية الحد من الخلل الذي يعتري التبادل التجاري بين البلدين, ورفع الصادرات المغربية للصين, التي لا تتجاوز 100 مليون دولار في السنة, رغم توقيع البلدين على العديد من الاتفاقيات, للرفع من واردات الصين من الفوسفاط المغربي, التي لم تعرف طريقها للتنفيذ.وقال عبد اللطيف معزوز في تصريح للصحافة, عقب مباحثاته مع في زيينغ, إن الصادرات الصينية للمغرب شهدت نموا مضطردا, وبلغ معدل نموها 38 في المائة, منذ سنة 2002, معربا عن أمله في أن يستفيد المغرب أكثر من الدينامية الاقتصادية التي تشهدها الصين, ليس فقط من خلال تسويق أكثر للمنتجات المغربية في السوق الصينية, بل أيضا عبر استثمار المقاولات الصينية في المغرب.وأعرب في زيينك, من جهته, عن ارتياحه لتطابق وجهات النظر بين الجانبين, في ما يتعلق بإعطاء دفعة للمبادلات التجارية والاقتصادية بين البلدين, داعيا المقاولات المغربية إلى تسويق منتجاتها "المتميزة" داخل السوق الصينية.وشارك الوزير الصيني في لقاءات مباشرة بين فاعلين اقتصاديين مغاربة وصينيين في الدارالبيضاء, كما التقى مع مسؤولين وفاعلين في القطاع الخاص, خاصة العاملين في ميادين الإعلاميات, والنسيج, والطاقات المتجددة.وتشكل هذه اللقاءات فرصة أمام المشاركين في كلا البلدين, لإبرام مزيد من الصفقات التجارية, لتكريس وترسيخ الحضور الصيني في المغرب, في مختلف المجالات الإنتاجية والتصنيعية, في حين يظل المعطى الغائب عن النقاش هو الاستثمار.وفي غياب أي حديث عن استثمارات صينية في المغرب, يمكن الحديث عن محال تجارية أو شركات للاستيراد والبيع بالتجزئة, يتولى صينيون فتحها في المغرب. وحسب إحصائيات لوزارة التجارة الصينية, فإن مجموع استثمارات المؤسسات الصينية في مجال الاستيراد والتصدير بالمغرب, بلغ 9.4 ملايين دولار سنة 2005, وتتمثل في إقامة شركات للتصدير والاستيراد, وفتح محلات تجارية وخدماتية.ويشتكي العديد من البلدان من غزو السلع الصينية, بل إن الولايات المتحدة الأميركية, القوة الاقتصادية الأولى في العالم, حقق ميزانها التجاري عجزا مع الصين في عام 2007, بلغ 323.5 مليار دولار, والمغرب ليس استثناء.ويسجل المتتبعون للعلاقات التجارية بين البلدين, غياب أي محاولات من رجال الأعمال المغاربة, لاستكشاف فرص الولوج إلى السوق الصينية, خصوصا في قطاعات زراعية أو تصنيعية, يمكن أن تحدث اختراقا مهما في هذه السوق, بالغة الأهمية, إذ تفوق مليارا و300 مليون نسمة, في مقابل سعي دائم بصبر وجلد وإصرار, يقوم به الصينيون لترويج منتجاتهم في المغرب.وغالبا ما توجه انتقادات حادة لرجال الأعمال والتجار المغاربة, الذين أصبحوا يتوجهون سنويا إلى الصين بالآلاف, لإبرام صفقات, لأنهم يسعون وراء الربح السريع, من خلال اقتصارهم على عمليات استيراد منتوجات تضر بالصناعة الوطنية في مجالات متعددة, مثل الصناعة التقليدية, أو المنسوجات, أو الزليج ومواد الكهرباء, أو تلك التي تهم ميزانية الأسر الفقيرة, إذ أن غالبية تلك المنتوجات المستوردة تصنع حسب الطلب, ولعمر افتراضي لا يتجاوز أشهر معدودات.ولا يتورع المستوردون من اقتناء أي شيء, حتى الثوم والتفاح, أو الصواني, و"الشرابيل", التي تصنعها لهم معامل تحت الطلب, وتختم بعبارة صنع في فاس, أو مراكش, ليجري بالتالي تكريس سلوكيات تمثل تدميرا بينا لاقتصاد وطني هش في الأصل, ويعيش مرحلة هيكلة للنهوض به, علاوة على أنها تأتي على آلاف من مناصب الشغل.وحسب الإحصائيات الرسمية لإدارة الجمارك الصينية, حصلت عليها وكالة المغرب العربي للأنباء, فإن المعدل السنوي للمبادلات التجارية بين المغرب والصين, كان من 1990 إلى 1997 في حدود 150 مليون دولار سنويا, ومنذ 1999, بدأت المبادلات تشهد وتيرة نمو سنوية, تصل إلى 30 في المائة على الأقل, إذ صدرت الصين إلى المغرب نحو 695 مليونا و785 ألف دولار عام 2003, وانتقلت هذه الصادرات إلى943 مليونا و479 ألف دولار عام 2004, ثم إلى مليار و206 مليونا و426 ألف دولار خلال في العام الموالي, وقفزت إلى مليار و569 مليونا و516 ألف دولار عام 2006.أما صادرات المغرب للصين فما تزال في الواقع محتشمة للغاية, بل إنها شهدت تراجعا كبيرا خلال سنة 2006, إذ لم تبلغ سوى 171 مليونا و355 ألف دولار, مقابل 277 مليونا و448 ألف دولار عام 2005, و214 مليونا و82 ألف دولار عام 2004, حسب أرقام إدارة الجمارك الصينية.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار