١٥ جمادى الآخرة ١٤٣١

جودة : مهتمون بنجاح الصين ونتطلع إليها كنموذج تنموي ومؤثر دولي



بتباين واضح بوجهات النظر حول طبيعة العلاقات الصينية العربية بين مطالب عربية بدفعها سياسيا للتناغم مع تعاظم التعاون الاقتصادي , وحرص صيني على حصرها على زيادة التكامل الاقتصادي , انطلقت بعد ظهر امس اعمال الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في مدينة تيانجين في شمال الصين .
وبدا واضحا اختلاف سلم الاولويات لدى كلا الجانبين ( العربي- الصيني ) في كلمات الافتتاح اذ احتلت القضايا الاقتصادية والتنموية وارتفاع ميزان التبادل التجاري بين الصين والدول العربية الحيز الاكبر من الكلمة رئيس مجلس الدولة (رئيس الوزراء ) الصيني ون جياباو ، فيما كان الجانب السياسي ولاسيما قضية السلام ومسألة دعم اقامة الدولة الفلسطينية طغى على كلمة امين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي الليبي موسى كوسة وكلمة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
وعقب جلسة الافتتاح التأم المؤتمرون الى جلسة مغلقة تحدث خلالها عدد من وزراء خارجية الدول العربية , حيث كانت الكلمة الاولى لوزير الخارجية ناصر جودة وقال جودة اننا في الاردن وفي العالم العربي اجمع مهتمون بنجاح الصين ، اذ نتطلع اليها كأنموذج للتنمية الفاعلة ، وكبلد مؤثر في الشؤون الدولية، ونقدر بكل احترام اصرار الصين على صنع السلام والتعاون الدولي من خلال دورها كعضو دائم في مجلس الامن ودبلوماسيتها الفاعلة في الساحة الدولية، ونتطلع لدور رئيس للصين في العالم العربي .
وشدد جودة على ان الصراع العربي الاسرائيلي ، وعدم التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية يشكل التحدي الاكبر لعالمنا العربي ، والسبب المباشر الذي يحول دون تسخير طاقات وامكانيات شعوبنا نحو المزيد من المساهمة الفاعلة في الحضارة الانسانية ، وعلى الرغم مما تزخر به منطقتنا من خيرات فلا زالت بلداننا تواجه تحديات اقتصادية كبيرة .
وقال جودة لقد اكد القادة العرب في القمة العربية الاخيرة التي عقدت في مدينة سرت الليبية على ان السلام العادل والشامل هو خيارنا الاستراتيجي مستندين في ذلك الى مبادرة السلام العربية التى حظيت باجماع عربي واسلامي ودولي، الا ان الجانب الاسرائيلي استمر بتجاهل هذا الاجماع عبر ممارساته على الارض حيث تعمل على تغيير الواقع الديمغرافي من خلال سياساتها الإستيطانية وتغيير معالم مدينة القدس وهدم المنازل وتهجير السكان والقيام بالحفريات حول وتحت الأماكن المقدسة ، ومع انطلاق المفاوضات غير المباشرة التي نأمل أن تؤدي إلى الوصول إلى الهدف المنشود وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لحدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، ولقد كان للصين ولا يزال دوراً في دعم جهود السلام بصفتها طرفا دوليا يحظى بالاحترام والتقدير. كما نقدر فهم الصين العميق والواعي والقائم على احترام الغير وتعاون الحضارات وليس تناقضها ان الصين تتمتع بعلاقات متجذرة مع الوطن العربي.
وبين جودة إن نمو الاقتصاد الصيني المضطرد يؤهل منطقتنا العربية لتكون ، بما تملكه من ثروات وفرص، محط نظر ووجهة جاذبة للاستثمارات الصينية، مثلما هي الصين بسوقها المترامي الأطراف وطاقته الاستيعابية الهائلة وجهة أساسية جاذبة لرأس المال العربي والصادرات من المنطقة العربية ، وغني عن القول بأن الصناعات الصينية من منسوجات وقطنيات ومواد مصنعة خفيفة وثقيلة تجد لها رواجا كبيرا في العالم العربي لجودتها وتنافسيتها السعرية العالية التي تعطيها ميزة نسبية كبيرة على مثيلاتها من منتجات دول أخرى. وحض على تعزيز هذا التعاون وتنميته ومؤسساته أيضا والتفكير الجدي في إمكانيات تأطيره مؤسسيا ضمن منظومة مؤسساتية قادرة على تنسيق وتنمية هذه العلاقات المتشعبة والارتقاء بها من خلال التفكير الجاد بمشاريع مشتركة مع العالم العربي من خلال جامعة الدول العربية وآلياتها وأيضا في إطار ثنائي ما بين الصين والدول العربية فرادى كل حسب طبيعة مصالحه المشتركة مع الصين في المجال الاقتصادي والتجاري والتقني. وقال جودة اننا نامل ان تحقق اجتماعات المنتدى اهدافها بأن تمضي قدماً بالعلاقات العربية – الصينية الى الافاق التي نتطلع اليها ، وذلك على قاعدة المساواة والاحترام المشترك والتحاور والتبادل بين ثقافتينا العربية والصينية ، وان لقاءنا ليس الا تعبيراً صادقاً عن تصميمنا وعزمنا جميعاً لتعزيز تعاون عربي صيني يبشر بالخير لبلداننا وشعوبنا. وقال لقد سعدنا في مدينتي بيجين وتيانجين ونحن نشاهد التطور الهام في الصين،وانها لفرصة سعيدة ان نجتمع هنا في مدينة تيانجين في جمهورية الصين الشعبية ، هذا البلد الصديق صاحب التاريخ العريق والحضارة والثقافة ، التي قدمت كما الحضارة العربية الاسلامية قدراً كبيراً من العلوم الانسانية ومبادئ التعايش والتسامح والانفتاح ، فطريق الحرير لم يكن وسيلة لنقل البضائع فحسب بل كان وسيلة لتبادل الثقافة للعالم أجمع، وان لقاءنا اليوم هو تعبير صادق عن تصميمنا وحرصنا على بناء العلاقات والتشاور والتواصل والعمل على رفع كفاءة اليات العمل والتعاون التي من شأنها المساهمة في تقريب ثقافاتنا وشعوبنا واضفاء المزيد من السلم والامن العالميين .
كوسة : الاهتمام بالجانب السياسي كما الاقتصادي في العلاقات العربية الصينية
ودعا امين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي الليبي موسى كوسة الى فتح المزيد من مجالات التعاون، و شدد على ضرورة ايلاء الجانب السياسي القدر نفسه الذي يحظى به الجانب الاقتصادي في العلاقات بين الجانبين ، وقال :»نرى ضرورة ايلاء قضايا العرب الرئيسية الاهتمام اللازم وإلا تكون العلاقات بين الجانبين نفعية بحتة « .
واضاف ان «قضية فلسطين هي التي تمثل القلب وهي القضية الاخطر. والصينيون يدركون اننا نتحدث عن شعب تحت الاحتلال ويعاني ابشع انواع الاضطهاد . والجميع يدرك قوة الصين وقدرتها على الاضطلاع بدور مؤثر في هذه القضية الحساسة لنا جميعا»، داعيا الصين الى الاضطلاع بدور اكبر في دعم القضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية.
كذلك شدد موسى على ضرورة تضافر الجهود من اجل العمل على اقامة الدولة الفلسطينية ودعا الصين الى الانضمام الى اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الاوسط . كذلك حض على العمل لجعل الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل.

جياباو
وفي المقابل اعتبر رئيس مجلس الدولة الصيني ان انشاء منتدى التعاون الصيني العربي هو «خيار استراتيجي يخدم تطور العلاقات الصينية العربية على مدى بعيد في القرن ال 21».
واضاف ان المنتدى «يساهم في تعزيز الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين « . وذكر بان تعزيز التعاون بين الجانبين «عزز التفاهم في ما بيننا .
ووقفت الصين موقفا اكثر قوة الى جانب الدول العربية في استكشاف الطرق التنموية التي تتفق مع خصوصياتها الوطنية ودعم عملية السلام في الشرق الاوسط». واشار الى انه في غضون سنوات قليلة فقط منذ انشاء المنتدى اي من عام 2004 الى عام 2009 ارتفع حجم التبادل التجاري من 36.4 مليار دولار الى 107.4 مليار دولار واجمالي الاستثمارات المباشرة المتبادلة من 1.1 مليار دولار الى 5.5 مليار دولار واجمالي قيمة مشاريع المقاولات من 13.5 مليار دولار الى 70 مليار دولار «. وقال ان التعاون الاقتصادي بين الجانبين «ينمو باستمرار على رغم التداعيات الخطيرة المترتبة على الازمة المالية الدولية».
ولاحظ انه «ظهرت للاقتصاد العالمي بوادر الانتعاش بفضل الجهود المشتركة من المجتمع الدولي ، غير ان اسس الانتعاش ما زالت هشة ، وذلك يتمثل في ازمات الديون السيادية المتفاقمة في بعض الدول ، ونسبة البطالة العالية في الاقتصادات الرئيسية وتذبذبات اسعار السلع الاساسية في الاسواق الدولية على مستوى عال وتنامي ظاهرة الحمائية التجارية «.
وحذر من «التهوين من خطورة الازمة وتعقيداتها وتداعياتها البعيدة المدى على الاوضاع السياسية والاقتصادية في العالم». وقدم سلسلة اقتراحات للخروج من الازمة منها اقامة نظام اقتصادي ومالي دولي جديد قائم على الانصاف والعدالة وتضييق الفجوة بين الشمال والجنوب وضمان امن الطاقة وابقاء اسعار الطاقة الدولية على مستوى معقول.

المنتدى
يبحث المنتدى سبل دعم علاقات التعاون العربي الصيني عبر التوقيع على اتفاقات ومذكرات تفاهم عدة في مقدمتها وثيقة الإعلان المشترك في شأن إقامة علاقات التعاون الإستراتيجي بين الدول العربية والصين، والبرنامج التنفيذي للتعاون بين الجانبين عامي 2010 و2011. كما يبحث مذكرة تفاهم في شأن التعاون في مجال الترجمة وتبادل نشرات الكتب العربية والصينية تعميقا للصلات الثقافية.

النفط والغاز
وسجل على هامش المنتدى توقيع الصين وقطر التي تمثلت برئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جابر ال ثاني مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالي المال والطاقة. وتنكب الصين حاليا على بناء مرفأ في عمق البحر في منطقة يانغ كو عند مصب نهر اليانغتسي على المحيط الهادىء شرقا للتمكن من استقبال ناقلات الغاز العملاقة من قطر.
كما يقام الى شمال هذا المرفأ في تيانجين حيث يعقد المنتدى، مصفاة لتكرير النفط بالتعاون مع السعودية تقدر تكلفتها بمليارين و600 مليون دولار لانتاج 3.2 الف طن سنويا من المشتقات النفطية . وكان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل شارك في التوقيع على هذا الاتفاق. وتعد السعودية حاليا اكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب اسيا وشمال افريقيا. كما يتوقع ابرام اتفاقات اقتصادية مع دول عربية اخرى ابرزها السودان الذي يمكن اعتباره نقطة الارتكاز الصينية الابرز في افريقيا.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار