٢٥ ربيع الآخر ١٤٣١

حين يسحب الحصانان الصيني والهندي عربة الاقتصاد العالمي



حين زار هيو ليانجين، نائب رئيس الوزراء الصيني، نيودلهي الأسبوع الماضي، قُدمت له عربة فضية صغيرة يجرها حصانان. وقال مضيفوه مازحين، إن الحصانين يمثلان الصين والهند اللتين تجران الاقتصاد العالمي نحو الانتعاش.

وفي كثير من الأحيان يسحب هذان الحصانان في اتجاهات مختلفة فالهند تكبح اعتمادها المتزايد على الاتصالات السلكية واللاسلكية الصينية ومعدات الطاقة الصينية، الضرورية جدا لتحديث بنيتها التحتية المتداعية. فقد فرضت قيوداً على الشركات الصينية التي تجلب العمال عبر الهميلايا لبناء خطوط أنابيب ومحطات لتوليد الكهرباء. وخوفا من تدفق الوردات الرخيصة المدعومة باليوان الضعيف بشكل اصطناعي، فرضت الهند أيضا قيوداً على أجهزة الهاتف الجوال والألعاب والشوكولاتة الصينية التي لا تحمل علامات تجارية.

ويتسع نطاق هذه التوترات أيضا ليشمل الأراضي. فالهند تخشى من مطالبة الصين بولاية أرنتشال براديش، الولاية الهندية التي تحد بوتان والتبت، ومن تدخل بكين في كشمير المتنازع عليها، ومن وجود قواتها البحرية في المحيط الهندي وبحر العرب. وتسود المخاوف أيضا بشأن تحالف الصين مع الباكستان وإمدادها بالمعدات العسكرية.

وفي المقابل، يتذمر المسؤولون الصينيون لأنه يتم رفض محاولاتهم فتح معاهد كونفوشيوسية في بعض الجامعات الهندية من أجل تعزيز اللغة والثقافة الصينية. وتشتكي Huawei، شركة الاتصالات الصينية التي تشهد نموا سريعا، من أن مزودي التكنولوجيا الأجانب يجدون صعوبة كبيرة في ممارسة الأعمال التجارية في الهند.

وللتقريب بين الصين والهند يجب أولا ضمان إيجاد تنسيق تجاري. فعلى مدى السنوات العشر الماضية أصبحت الصين بصورة سريعة جدا، وفقا لحسابات مختلفة، إما أكبر شريك تجاري للهند أو ثاني أكبر شريك بعد الولايات المتحدة. وزاد حجم التجارة الثنائية بين أكبر اقتصادين سريعي النمو في العالم إلى 52 مليار دولار عام 2008، صعودا من 260 مليون دولار عام 1990.

ووفقا للتقديرات الصينية، من المتوقع أن يصل حجم التجارة بين الدولتين إلى 60 مليار دولار هذا العام، مع تخلص الاقتصادين من آثار الأزمة المالية العالمية.

إلا أن التدفقات التجارية غير متوازنة على الإطلاق. وبدلا من الاحتفال بالتجارة المزدهرة، تشعر الهند باستياء بالغ من العجز المتزايد الذي يصب بصورة متزايدة في مصلحة الصين. فنحو 70 في المائة من صادرات الهند إلى الصين هي من المواد الخام التي تعود إليها على شكل سلع منجزة ذات قيمة أعلى تقوِّض الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في الهند.

وبلغ عجز الهند العام الماضي 16 مليار دولار في التجارة الثنائية، البالغة قيمتها 43.4 مليار دولار. وأصبحت هذه التجارة غير المتوازنة على رأس أجندة نيودلهي مع بكين. وناشد الوزراء اتخاذ خطوات تصحيحية ورفعوا شكاواهم إلى رئيس الوزراء الصيني، وين جياباو. ومن المرجح أن يتم تقديم هذه النداءات مرة أخرى من قبل إس. إم كريشنا، وزير الخارجية الهندي، خلال زيارة إلى بكين هذه الأيام، ومن قبل براتبا باتيل، الرئيسة الهندية، خلال زيارة رسمية في وقت لاحق من هذا العام.

وتريد نيودلهي من بكين، من ضمن إجراءات أخرى، أن تلغي القيود على الصادرات الهندية من تكنولوجيا المعلومات والأفلام والأطعمة الطازجة. وتريد أيضا توفير فرص استثمارية أكبر للشركات الهندية في قطاعات مثل الصناعات الدوائية وتكنولوجيا المعلومات.

وتشير الدلائل إلى أن بكين تصغي لهذه المطالب. فلطالما قوبلت مخاوف الهند من جارتها باللامبالاة. لكن يبدو الآن أن زعماء الحزب الشيوعي الصيني الذين يدركون أن الدولتين تمثلان نحو نصف البشرية، يتقبلون فكرة الشراكة.

ويقر هيو بضرورة موازنة التجارة. وليس من الضروري أن تدير الصين فائضاً تجارياً مع الهند، كما يقول. وعرض خطة من أربع نقاط، تستند إلى تحفيز الطلب بين المستهلكين الصينيين، وتشجيع الاستثمارات الهندية في الصين، والشراكة التكنولوجية في الزراعة والتصنيع، وحماية البيئة.

وقدمت الهند للصين المشورة بشأن كيفية بناء مزيد من الثقة عن طريق عدم السعي فورا إلى المشاركة في قطاعات الهند الحساسة مثل الاتصالات والموانئ وغيرها من قطاعات البنية التحتية الحيوية. وهي تقول إن بكين يجب ألا تسعى أيضا إلى تصدير عمالها ذوي المهارات المتدنية. وكمثال يقتدى به، يشير بعض مستشاري السياسة إلى كوريا الجنوبية التي حققت نجاحا قويا في الاقتصاد الهندي بشركات مثل سامسونج وهيونداي.

وينبغي لبكين ونيودلهي الاهتمام بالتفاصيل وإلغاء الحواجز غير الجمركية، قبل أن يؤدي العجز المتزايد إلى إضعاف الثقة أكثر.

لكن إلى أين تتجه العربة الفضية؟ تأمل الهند والصين أن تحققا نمواً بنسبة 8 - 10 في المائة خلال الـ 25 عاما المقبلة. وبما أنهما لا تزالان تشعران بالحماس بسبب ما تعتبرانه مواجهة ناجحة مع الولايات المتحدة في محادثات الأمم المتحدة حول التغير المناخي في كوبنهاجن، تأمل الدولتان أيضا في مواءمة مصالحهما بشكل أوثق في المناقشات متعددة الأطراف حول المناخ والتجارة والتخطيط المالي في العالم.

إلا أن المؤسسة الهندية منقسمة على نفسها. ففي حين أن البعض يتنبأ بنشوء بعض العداء مع الصين، يتوقع آخرون، مثل جايرام راميش، وزير البيئة الهندي المشاكس والحليف المقرب من زعيمة حزب المؤتمر، سونيا غاندي، إقامة شراكة. ويرى راميش أن أي شيء تفعله الهند في هذا العالم يجب عليها القيام به مع الصين. ويعتقد أن حدة النزاع التجاري ستخف حين تصبح الشركات الهندية أكثر كفاءة وحين تنفتح الصين.

وراميش ليس الوحيد الذي يعتقد أن التحالف الأعمق سيؤدي إلى نشوء احتكاك أكبر في أماكن أخرى، خاصة في الولايات المتحدة. فهو يحذر قائلا: «إذا كان الأمريكيون يعتقدون أن الصين مصدر للقلق، سيجدون أن التعامل مع الهند والصين كابوس». ربما تصبح الرحلة بالعربة أكثر توازنا، لكن ليس أقل وعورة.

أهم الأخبار

اليوم السابع

عشق الصين

سجل الزوار